قرية ملهم، خطوة أولى للإعمار

مع كل عاصفة، وكل شتاء، وكل مأساة يعانيها أهالي المخيمات، تكثر الأصوات المتسائلة "لمَ لا تبنون بيوتًا؟" و "لمَ لا تحاولون البدء بحلول دائمة؟" وعلى صعوبة تطبيق هذه الحلول وكلفتها، لكنها تبقها الحل الوحيد لإنهاء المعاناة.. بعد سنين من مداراتها وتخفيف نتائجها بالطرق الآنية. ولأجل ذلك أطلقنا مشروع قرية ملهم في نهاية عام ٢٠١٧ بعد موجة النزوح الكبيرة من مدينة حلب، لكن للأسف.. تلا نزوح حلب موجة تهجير كبيرة من عدة مدن أخرى، مما سبب تأخرًا في تنفيذ المشروع وانشغال الفريق بحملات الاستجابة والإغاثة وتأمين الضروري.. أمام إلحاح الحاجة وتعاظمها. 

لكن أخيرًا! وبعد مرور أكثر من عام، استطعنا البدء ببناء أول عمارة سكنية في نهاية شهر كانون الثاني-يناير من العام الحالي، وقد وصل العمل فيها إلى إجراء التشطيبات. ستحتوي هذه العمارة على ١٨ شقة سكنية موزعة على ثلاثة طوابق، لتكون جاهزة للسكن في آخر شهر حزيران-يونيو، وفق الخطة التي نسير عليها. كما قد بدأنا بأعمال الحفر للعمارة الثانية في نهاية شهر آذار-مارس من العام الحالي، والتي ستتضمن ٢٤ شقة سكنية موزعة على أربعة طوابق. مع التذكير بأن قرية ملهم مشروع يعتمد على التبرعات الفردية حتى اللحظة، والتبرع له سيعتبر وقفًا خيريًا مدى الحياة. 

يهدف هذا المشروع لتوفير سكن كريم لـ٣٠٠ عائلة، من الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين، إضافة لتوفير فرص عمل للأهالي للاعتماد على أنفسهم، وتوفير الفرصة التعليمية للأطفال الذين ربما لم يعرفوا المدرسة حتى.. بسبب الخيمة والفقر، وقد اخترنا مكان البناء في إعزاز، باعتبارها آمنة نسبيًا، لتطبيق المشروع الذي سيتضمن وحدات سكنية (كل وحدة ٥٢ متر) ومسجد، ومركز صحي، ومركز ثقافي، وحديقة، وسوق تجاري.

يُشرف على مشروع قرية ملهم ومنذ بدايته، مهندسون من خيرة الشباب الواعي بأسس التخطيط والتنفيذ والمتابعة، وجوابًا على الأسئلة التي تتعلق بمدى تحمل الأرض للبناء، فإن الحفر قد استمر حتى الوصول للجبل الطبيعي، وتم قشط التربة الحمراء، وتصميم أساسات وشيناجات تتحمل أربعة طوابق سكنية، ليكون العمل متقنًا على قدر الاستطاعة. 

ومع كل حجر جديد يوضع في البناء، ثمة أمل جديد يبزغ.. فهذه سوريا التي طالما رددنا أننا سنبنيها بسواعدنا، واليوم أمامنا الفرصة.. كي لا نخذل الشهداء.. إذ تركوا أهاليهم أمانة، ولا نخذل من خسروا وضحّوا، وكي نفي بوعودنا تجاه بلدنا وثورتنا ما استطعنا، وعلى قدر ما يمكننا الله ويعيننا عطاؤكم وثقتكم.

وهنا بعض من الصور الخاصة بالمشروع وصورة عن المسقط الأفقي للمخطط المعماري: